فصل: فصل في التداعي في الطلاق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في التداعي في الطلاق:

الفاء للسببية أي التداعي الحاصل بسبب الطلاق قاله (ت) وهذا الفصل هو المسمى عند الأقدمين بإرخاء الستور قاله الشارح.
وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ مِنْ بَعْدِ البِنَا ** ولاِدِّعاءِ الوَطْءِ رَدَّ مُعْلِنا

(والزوج) مبتدأ (إن طلق) شرط (من بعد البنا) ء يتعلق بفعل الشرط المذكور، ومراده بالبناء خلوة الاهتداء (ولادعاء الوطء) مفعول بقوله (رد) وفاعله ضمير الزوج واللام زائدة لا تتعلق بشيء كما مر، والجملة معطوفة على جملة الشرط قبلها (معلنا) حال من فاعل رد.
فالقَولُ قَوْلُ زَوْجَةٍ وَتَسْتَحِقْ ** بَعْدَ الْيَمِينِ مَهْرَها الّذِي يَحِقْ

(فالقول قول زوجة) مبتدأ وخبر، والجملة جواب الشرط ولذا دخلت الفاء (وتستحق) فاعله ضمير الزوجة (بعد اليمين) يتعلق به (مهرها) مفعول به (الذي) صفة لما قبله (يحق) صلة الذي والرابط هو الفاعل بيحق، والجملة من تستحق وما بعده معطوفة على جواب الشرط والشرط وجوابه خبر المبتدأ الذي هو الزوج، ومعناه أن الزوج إذا خلا بزوجته خلوة يمكن شغله منها، وإن لم يكن هناك ستر ولا غلق باب ثم طلقها بعد تلك الخلوة وهي مراد المصنف بالبناء كما مرّ فادعت هي المسيس وادعى هو عدمه فإن القول للزوجة بيمينها للعرف، إذ قل أن يفارقها قبل الوطء، وتستحق جميع مهرها الحال أو ما حل منه عند حلفها، وأما المؤجل فتستحقه عند حلول أجله، وظاهر النظم كانت حرة أو أمة رشيدة أو سفيهة تلبست بمانع وقت الاختلاء كحيض أم لا. وهو كذلك في الجميع (خ) وصدقت في خلوة الاهتداء، وإن بمانع شرعي، وفي نفيه وإن سفيهة أو أمة إلخ. ثم لا يتمكن من ارتجاعها لإنكاره الوطء قاله في المتيطية وغيرها. وظاهر النظم أنه لا ينظرها النساء إن كانت بكراً وهو كذلك على المشهور والجاري على ما مرّ في العيوب أن النساء ينظرنها وهو الذي به العمل، وعليه فإن وجدنها مفتضة فقولها، وإلا فقوله مع اليمين فيهما أيضاً لأن شهادة النساء وحدهن في المال، أو ما يؤول إليه لابد معها من اليمين، ومفهوم قوله من بعد البناء أنهما إذا اختلفا في المسيس بعد العقد عليها، ولم تثبت خلوة بينهما فإن القول للزوج حينئذ وهو كذلك قاله ابن حارث. ومفهوم قوله: رد معلناً أنه إذا أقر بالوطء فيه أخذ بإقراره، ولو أنكرت هي ذلك رشيدة كانت أو سفيهة وهو كذلك في السفيهة، وكذا في الرشيدة إن رجعت عن إنكارها إلى تصديقه قبل أن ينزع عن إقراره لا إن رجعت بعد نزعه فليس لها إلا نصف الصداق فإن استمر على إقراره واستمرت على تكذيبه، فهل لها جميع الصداق أو نصفه فقط تأويلان. ومفهوم قوله لادعاء إلخ. أنهما إذا اتفقا على نفي الوطء فيعمل على قولهما وإن سفيهة أو أمة وهو كذلك كما مر عن (خ) لكن ذلك إنما هو بالنسبة للصداق، وأما بالنسبة للعدة ونفي الولد فلا إذ العدة تجب بمجرد الخلوة والولد لا ينتفي إن أتت به لستة أشهر فأكثر من يوم العقد ولو لم تعلم خلوة إلا بلعان.
وَإنْ يَكُنْ مِنْها نُكُولٌ فَالْقَسَمْ ** عَليهِ وَالواجِبُ نِصْفُ ما التَزَمْ

(وإن يكن) شرط (منها) خبر يكن (نكول) اسمها (فالقسم عليه) جملة من مبتدأ وخبر جواب الشرط (والواجب) مبتدأ (نصف ما التزم) خبر، والجملة معطوفة على جملة الجواب قبلها وما واقعة على الصداق والعائد محذوف أي: نصف الصداق الذي التزمه.
وَيَغْرِمُ الْجَمِيعَ مَهما نَكَلاَ ** وَإنْ يَكُن كَالابتِنَاءِ قَدْ خَلا

(ويغرم) فاعله ضمير الزوج (الجميع) مفعوله (مهما) اسم شرط (نكلا) مجزوم المحل وألفه للإطلاق، ويصح أن تكون للتثنية. والجملة قبله يليه دليل الجواب ومعنى كلامه واضح وإنم وجب عليه غرم الجميع لأن النكول بالمنكول تصديق للناكل الأول.
ثم أشار إلى ما إذا كانت الخلوة لغير البناء بل لزيارة فقال: (وإن يكن) شرط واسمها ضمير الزوج (لا) معطوفة على مقدر متعلق بخلا (لابتناء) معطوف (قد خلا) خبر يكن أي وإن يكن قد خلا لزيارة لا لابتناء.
فالقَوْلُ قَوْلُ زَائِرٍ وَقيلَ بَلْ ** لِزَوْجَةٍ وَما عَليهِ مِنْ عَمَلْ

(فالقول) مبتدأ (قول زائر) خبره. والجملة جواب الشرط، وإذا كان القول للزائر، فإذا زارته هي وادعت المسيس فالقول قولها بيمينها وإن زارها أو كانا زائرين معاً عند الغير، فالقول قوله بيمينه لأن الرجل إنما ينشط في بيته غالباً (وقيل) مبني للمفعول نائبه الجملة المحكية بعده (بل) عاطفة على مقدر أي: وقيل لا يكون القول للزائر بل (لزوجة) مطلقاً (وما) نافية (عليه) خبر عن قوله (من عمل).
وَمَنْ كَسا الزَّوْجَةَ ثُمَّ طَلَّقا ** يَأخُذُها مَعْ قُرْبِ عَهْدٍ مُطْلقَا

(ومن) اسم شرط (كسا الزوجة) مفعول أول بكسا ومفعوله الثاني محذوف أي ثوباً (ثم) عاطفة الجملة التي بعدها على التي قبلها (طلقا) ألفه للإطلاق (يأخذها) فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب الشرط، والضمير عائد على الكسوة المفهومة من كسا (مع) بسكون العين يتعلق بيأخذ (قرب) مضاف إليه (عهد) كذلك (مطلقاً) حال من فاعل يأخذ.
وَالأَخْذُ إنْ مَرَّتْ لها شُهورُ ** ثَلاثةٌ فَصاعِداً مَحْظُورُ

(والأخذ) مبتدأ (إن مرت لها شهور) فاعل بمرت (ثلاثة) الظاهر أنه خبر كان مقدرة مع اسمها، والجملة صفة أي يكون عدها ثلاثة (فصاعداً) والفاء حينئذ عاطفة، وأما رفع ثلاثة على أنه نعت أو عطف بيان، فليس هناك حينئذ ما يعطف عليه فصاعداً لأنه بالنصب (محظور) خبر المبتدأ وجواب الشرط محذوف للدلالة عليه، والمعنى أن من كسا زوجته ثوباً ونحوه الكسوة الواجبة عليه شرعاً، ثم طلقها طلاقاً بائناً ولا حمل بها ولما طلقها أراد أن يأخذ الكسوة فإنه يقضي له بها مطلقاً خلقت أم لا. لكن لابد أن يقرب العهد بحيث يكون بين الطلاق وزمن الكسوة أقل من ثلاثة أشهر، وأما إن مضى لها ثلاثة أشهر، فأكثر فأخذه إياها ممنوع بخلاف النفقة إن كان عجلها لها فله أخذها مطلقاً أي: ما بقي منها مضت لها ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر فإن اختلفا فادعت هي أنها مضت لها ثلاثة أشهر فأكثر، وادعى هو أنه لم يمض لها ذلك، فالقول قوله وعليها إقامة البينة على ما ادعت لأنها تريد استحقاق الثوب قاله في الوثائق المجموعة، ويأتي للناظم قريباً في قوله: وحيثما خلفهما في الزمن إلخ. ثم ما ذكره الناظم في الطلاق يجري في الموت (خ) وردت النفقة لا الكسوة بعد أشهر إلخ. وهذا في الكسوة الواجبة عليه كما مر سواء كانت تأخذها بفرض القاضي بأن رفعت أمرها إليه حتى فرضها لها أم لا. وأما الكسوة الغير الواجبة بأن أعطاها لها على وجه الهدية فهي لها في الطلاق موروثة عنها في الموت لأنها عطية قد حيزت. فإذا اختلفا فقال الزوج: هذه الكسوة هي الواجبة عليَّ وقالت هي أو ورثتها: بل هدية فهو ما أشار له الناظم بقوله:
وَإنْ يَكونا اختَلَفا في المَلْبَسِ ** فالقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ في الأَنْفَسِ

(وإن يكونا) شرط وألفه اسمها (اختلفا) خبرها (في الملبس) بضم الميم وفتح الباء اسم مفعول من ألبس يتعلق باختلف (فالقول قول زوجة) مبتدأ وخبر (في الأنفس) يتعلق بالخبر، والجملة جواب الشرط.
وَالقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِثوْبٍ مُمْتَهَنْ ** وَلُبْسُ ذاتِ الحَمْلِ بالحَمَلِ اقْتَرَنْ

(والقول) مبتدأ (للزوج) خبره (بثوب) يتعلق بالخبر أيضاً وباؤه للظرفية (ممتهن) صفة له والمعنى أنهما إذا اختلفا في الكسوة وهي مراده بالملبس فقالت: هي هدية وقال هو: بل هي الواجبة عليَّ فإنه ينظر فإن كانت رفيعة لا يفرض مثلها على مثله، فالقول للزوجة بيمين أنها هدية، وإن كانت مما يفرض مثلها على مثله ويكسو مثله بها زوجته فالقول له مع اليمين، فالمراد بالممتهن ما يكسو به مثله زوجته، ويحتمل وهو الظاهر أن المراد بالممتهن المستخدم الذي لم تمض له ثلاثة أشهر كما يأتي، وعلى الأول فما ذكره من كون القول لها في الأنفس ظاهر إذا كان لها ثوب آخر على ظهرها تبتذله بدليل ما قبله ولم يدع هو أنه قد دفعه لها للتزين به فقط، وأما إذا لم يكن لها غيره على ظهرها أو كان عليها غيره، ولكن ادعى هو أنه دفعه للتزين فقط فالقول له إذ قد يكسو الرجل زوجته بأحسن صفة من كسوة أمثاله لها فيجري فيه التفصيل المتقدم بين مضي ثلاثة أشهر أم لا. وقد يدفعه لها للتزين حيث كان لها غيره إذ الزوج حينئذ قد علم أصل ملكه فلا يخرج من يده إلا على الوجه الذي قصده كما مر آخر الاختلاف في متاع البيت، اللهم إلا أن يكون هناك عرف بأن مثله يهديه الزوج لزوجته. قال في الطرر قبل ترجمة اللعان ما نصه: قال ابن تليد: إن ابتاع الرجل لزوجته كسوة مثل ثوب أو فرو، ثم تموت فيريد أخذها لم يكن له ذلك وهو موروث عنها، وكذلك قال بعض الشيوخ في الموت والطلاق، وبه العمل قال: وهذا إذا كانت لغير البذلة. اهـ. فهو ظاهر بل نص في أن لها ثوباً آخر عليها تبتذله بدليل قوله: وهذا إذا كانت إلخ. وظاهر أيضاً في أنها ادعت أو وارثها أن ذلك هدية كما هو نص الوثائق المجموعة، إذ لو قالت: هو لي لجرى على الاختلاف في متاع البيت، وبالجملة فأما أن تدعي أنه لها فهو ما مرّ في الاختلاف في متاع البيت، وأما أن يدعي هو أنه أهداه لها وهذا فيه وجهان. أحدهما: أن يدعي هو أنه من الكسوة الواجبة عليه كما مر، وثانيهما أن يدعي أنه دفعه لها للتزيين فقط ثم قال في الطرر إثر ما مر، قال ابن لبابة: وما اشتراه الرجل لزوجته أو اشترته لنفسها من ماله ولا ينكر عليها إذا تزينت به فإنه لها عاش أو مات. وقال أيضاً إنه لورثة الرجل إن مات عنها إلا أن تقيم البينة على هبة أو عطية قال غيره: وكذلك إن كان حياً بيمين وهو أحسن اه بلفظه، فقد حكى عن ابن لبابة قولين. والثاني منهما هو الذي رجحه، وعلى هذا الترجيح جرى الشاطبي في فتواه المنقولة في الشرح، حيث سئل عن امرأة قالت بعد وفاة زوجها في ثياب تشاكلها أن زوجها المتوفي ساقها لها أو أهداها لها وخالفها الورثة فقال: لا يسمع دعوى المرأة إلا ببينة وعلى الورثة اليمين أنهم لا يعلمون أن تلك الثياب من مال المرأة وليست هذه المسألة من الاختلاف في متاع البيت لأن المرأة مقرة بأن الثياب بأعيانها للزوج. قال: ولكن يبقى النظر في لباسها تلك الثياب وامتهانها يعني بحضرة المتوفي قال: والصحيح أن الرجل ليس له أخذ كسوة المرأة عند فراقها إذا كانت متبذلة فإن لم تبتذل كان له ارتجاعها، فهذه الثياب مثلها إن كانت الزوجة قد ابتذلتها فهي لها وإلاَّ صارت ميراثاً اه باختصار. وثياب البذلة هي ثياب المهنة المستخدمة وعليه فما صححه هذا الإمام هو ما مر عن (خ) فمرادهم بالبذلة ما كثر لبسها له بحضرة زوجها حتى خلق وبلي، ولو كان من ثياب الزينة. وأحرى إذا كان على ظهرها تبتذله كل يوم كما هو الظاهر من هذه الفتوى، فما في النظم حينئذ مخالف لإطلاق (خ) لا الكسوة بعد أشهر، وما في الطرر عن ابن تليد وابن لبابة في أول قوله مخالف بظاهره لذلك أيضاً، لكن ما لابن لبابة يمكن حمله على ما في (خ) بل يقيد بما إذا لم يمض لها ثلاثة أشهر فأكثر وهي تبتذلها بحضرته وإلاَّ فهي لها، وأما ما لابن تليد وهو ظاهر النظم فمخالف لإطلاق (خ) قطعاً اللهم إلا أن يكون قوله: وهذا إذا كانت لغير البذلة معناه. وهذا إذا لم تبتذل ويمضي لها ثلاثة أشهر فيوافقه حينئذ ويكون معنى قول الناظم في الأنفس أي الذي ابتذل ومضت له المدة المذكورة، ومراده بالممتهن أي الذي يكسى مثله لمثلها أو لا يكسى، ولكن لم يبتذل ولم تمض له تلك المدة فالقول فيه للزوج حينئذ فتأمله والله أعلم. لكن كان الناظم في غنى عن هذين البيتين بالبيتين قبلهما، وقد تقدم الكلام على هذا آخر الاختلاف في متاع البيت.
(ولبس) مبتدأ (ذات الحمل) مضاف إليه (بالحمل) يتعلق بقوله: (اقترن) والجملة خبر، والمعنى أن المطلقة طلاقاً بائناً وهي حامل تجب لها الكسوة بظهور الحمل وحركته كالنفقة على المشهور المعمول به، وروي عن مالك أنه لا شيء لها حتى تضع ثم تفرض لها النفقة والكسوة مدة الحمل السابقة خيفة أن يكون ريحاً فينفش (خ): ولا نفقة بدعواها، بل بظهور الحمل وحركته فتجب من أوله إلى آخره. ابن العطار: يفرض لها في الكسوة ما تحتاج إليه من الجبة والكساء وغير ذلك قال: وينظر إلى غالب مدة الحمل، فإن قيل: تسعة أشهر، فيقال: كم قيمة الجبة، وفي كم تبلى فإن كانت تبلى لسنة ونصف دفع إليها نصف قيمتها تعمل به ما شاءت، وكذا في الكساء ويدفع لها القميص والمقنعة. انظر البرزلي أوائل النفقات. وقولنا بائناً احترازاً مما إذا كان رجعياً فإنها كالزوجية في النفقة والكسوة.
وَحَيثُما خُلْفُهما في الزَّمَنِ ** يُقَالُ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ بِيِّنِي

(وحيثما) اسم شرط وفعل الشرط محذوف أي حيثما وقع (خلفهما) اسم مصدر بمعنى اختلاف فاعل بوقع المقدر (في الزمن) يتعلق بخلف (يقال للزوجة) نائب عن الفاعل (فيه) يتعلق بيقال (بيني) فعل أمر وفاعله ياء المؤنثة المخاطبة، والجملة من فعل الأمر وفاعله محكية بيقال والجملة من يقال: وما بعده جواب الشرط. والمعنى أنهما إذا اختلفا في الزمن فقالت: مضى للكسوة ثلاثة أشهر وأنكر هو ذلك فإن القول للزوج، ويقال للمرأة أقيمي البينة على ما تدعيه كما مرّ عن الوثائق المجموعة، فإن عجزت حلف الزوج وله قلبها عليها كما قال:
وَعَجْزُها يَمِينَ زَوْجٍ يُوجِبُ ** وَإنْ أرَادَ قَلْبَها فَتُقْلَبُ

(وعجزها) مبتدأ (يمين زوج) مفعول بقوله (يوجب) والجملة خبر (وإن أراد) شرط (قلبها) مفعول به (فتقلب) جواب الشرط، وإنما قلبت لأنها دعوى تحقيق، فإن حلفت استحقت وإلا فلا شيء لها لأن النكول بالنكول تصديق للناكل الأول.